ليلة في مراكش،
حيثُ العمر يختصر بين الأغصان او الأحضان
وحيثُ الأزقةُ تُنجبُ الحكايات
وتخبّئُ في ثناياها أسراراً لا يطالها النهار
أجلسُ كغريب يفاوضُ روحهُ على طاولة الوقت
الساعةُ تدورُ حولَ نفسها
تلدغُ التواني كعقربٍ مُنهك
هنا
تتسربُ الأزقةُ كأغنياتٍ عتيقةٍ لا تنتهي
تُدندنُها الوجوه المختلفة المبللةُ بالحنين
وهناكَ
في الزاويةِ البعيدةِ
النساءُ يعبرنَ في زحامِ الشارعِ
كطيورٍ غادرت أعشاشَها في موسمِ الريح
خطاهنَّ على بلاطِ المدينةِ سمفونية
تعزف دوما لا يهم ان كان شتاء او خريف
وأنا
غريبٌ في حضرةِ مراكش
أحملُ حقيبةً من الوجعِ
ودفاترَ مثقلةً بأسماءٍ خدلتني أو هجرتْني
وأحلاماً تحجَّرتْ في كهوفِ الخيبةِ
تذكرتُكِ
يا من كنتِ وطناً بلا خرائط
يا من كنتِ طعنةً في خاصرةِ السؤال
أراكي في كلِّ امرأةٍ تمرُّ
في كلِّ عينٍ تلمعُ
وفي كلِّ ضحكةٍ تختبئُ خلفَ زجاجِ المقاهي و الحانات
هل انت الان تعرفينَ أنَّ العالمَ أصبحَ أقسى؟
وأنَّ الطغاةَ يكتبونَ قوانينَ الإنسانيةِ،
وأنَّ الجوعَ أصبحَ لغةَ من لا لغةَ لهم؟
في الأخبارِ تقرأينَ عن حروبٍ بلا وجوهٍ
عن أطفالٍ يسكنونَ الخرابَ كأنهم أنبياءُ صامتون صامدون
وأنا
أصغرُ كلَّ ذلكَ في كأسِ نبيذٍ او ربما مجرد ماء
وأحاولُ أن أُغرقَ الأسئلةَ الوجودية في دوامةِ السخرية
مراكشُ تُحاكي جنوني
تمدُّ لي يداً من النورِ
وتُسقطُ عليَّ ستائرَ من الظلالِ
أسألُ المدينةَ عن معنى البقاءِ و الهدف من اي لقاء
فتجيبني ضحكاتُ المارةِ في الأسواقِ
و الكثير من الحكي عن لعبة الأصدقاء
لكنّي أدركُ أنَّ الليلَ هنا لا يُعطي إجابات
في عالمُ يشتعلُ كسيجارةٍ رخيصة
على شاشةِ الهاتف أمامي وجوهٌ مغبرةٌ
أطفالٌ بلا ملامح،
وأوطانٌ تتساقطُ كأوراقِ الخريف.
بينما نحنُ
نقتسمُ كأسَ النسيانِ مع الليل و الريح
ونكتبُ على الجدرانِ قصائدَ بلا نهايات
نشر في قسم:
خربشات سريعة