قهوة صباحية و فوضى

الصباح هنا ليس كغيره من الأوقات. هو طقس غريب يجمع بين الجمال والفوضى، بين الشعر والفكاهة السوداء. يبدأ المشهد حين تنسل أشعة الشمس من بين ستائر النوافذ، كما لو أنها تحاول إيقاظ المدينة عنوة. في زاوية من الشارع، هناك هي، تلك التي تطل من النافذة بفنجان قهوة في يدها، وعينيها نصف مفتوحتين كأنهما تتفاوضان مع العالم على تأجيل البداية.

قطها المشاغب، الذي يبدو أنه قرر أن يكون جزءًا من الرواية هذا الصباح، يتسلق ستارة النافذة بإصرار، ويصدر صوتًا يشبه شكوى كاتب مرهق. تحاول أن تبعده بكلمة عابرة، لكنه ينظر إليها بنظرة استهزاء ملكية، كأنه يقول: "أنا الملك هنا، أنتِ مجرد خادمة تقدمين لي الطعام."

في الخارج، الضجيج هو بطل المشهد. سيارات تطلق أبواقها بعشوائية كأنها في سباق مع الزمن، وأصوات أطفال يركضون إلى مدارسهم بينما تسحب الأمهات أكياس الإفطار كأنها سلاح معركة. هناك أيضًا، وبشكل غير مفهوم، صياح ديك في مكان ما. كيف وصل ديك إلى المدينة؟ ومن أقنعه بأن هذا هو مكانه المناسب؟ لا أحد يعلم، لكنه موجود، يصرخ بوقاحة كأنه يقول: "هذا عالمي الآن، تقبلوا الأمر."

في الخلفية، صوت التلفاز ينبعث من غرفة الجلوس. مذيعة أخبار تبدو كأنها لم تنم منذ ثلاث سنوات، تسرد الأخبار كما لو كانت تُلقي قصيدة رثاء جماعية: أرقام قتلى، انهيار أسواق، كوارث طبيعية، وماذا بعد؟ تعض المرأة شفتها، تنظر لفنجان القهوة في يدها، وتفكر: "ما الجدوى من الاستيقاظ إذا كان العالم بهذا السوء؟"

لكن القهوة؟ آه، القهوة هي المنقذ الوحيد. رشفة منها، فتشعر بالدفء يتسرب إلى قلبك كأنه رسالة صغيرة تقول: "مهما كانت الفوضى، نحن هنا لنعيشها، لا لنهرب منها." ومع هذا، لا تزال الرغبة في العودة للنوم كامنة في الظل، تحاول أن تقنعك بأن السرير هو الوطن الوحيد الآمن.

الصباح في المدينة ليس مجرد وقت؛ إنه حالة نفسية، معركة بين الجمال والتعب، بين الضجيج والسكون، بين ديك غريب الأطوار وقطة لا تعترف بالقوانين. ومع ذلك، يبقى مشهدها من النافذة، مع فنجان القهوة، تذكرة بأن الفوضى قد تكون أحيانًا أكثر جمالًا مما نظن.

إرسال تعليق

يرجى الالتزام بآداب النقاش واحترام آراء الآخرين. التعليقات المسيئة أو غير ذات الصلة لن يتم نشرها.

أحدث أقدم