مجرد ظلال عابرة

في ليلةٍ تلبس فيها السماءُ رداءها الأسود
والنجوم تومض كأعين الآلهة المترقبة للانتقام
سرتُ بين أزقة المدينة القديمة قدم روما و اليونان
وحيداً، كأني أطارد ظلي الذي خانني في منتصف الطريق

أرى الجموع كتماثيلَ شمع تتحرك
تصنع من صخبها مهرجاناً زائفاً...
ضحكاتهم تصدح، تهتف لوعدٍ هشّ
وأنا أبتسم في صمت، ساخراً من رقصة العقارب

كم من حبٍ عبر هذا القلب كطيفٍ شارد؟
وكم من وعدٍ انطفأ كشمعة في مهب الريح؟
الأسماء تبدلت مرارا كأوراق شجرة عتيقة 
لكن القصص؟
ذات الفصول... تُعاد بلا تغيير

تذكرتُ وجوههم: الأولى، الثانية... والعاشرة
كلها ملامح باهتة في مدينةٍ مهدّمة
لم يتغير سوى الأقنعة
أما الخيانة؟
فهي النص الثابت في هذا المسرح الكبير 
الذي نسميه الحياة

توقفت عند نافذة متجرٍ مغلقة مندهشا من شكلي
رأيت وجهي ينعكس عليها كطيفٍ غريب...
لم اعد اعرفني
ثم مددتُ يدي المرتعشة
وكتبتُ على الزجاج المكسو بالضباب
لا عام جديد، ولا زمن جديد...ولا حب جديد
فقط قلوب قديمة
تُجيد التظاهر بالنسيان

أسمع الريح تعزف نغمةً تركية حزينة
تمرّ بين الأزقة كما يمر الحنين
والمدينة؟
تلتف حول نفسها كراقصة فقدت توازنها فجأة
تتهاوى في دوامة لا تنتهي 
مشهد ساخر من حكاية اروبوروس 

لكنني أمضي أسير وحدي
أحمل قلمي كأنه سيف في عتمة المساء
وأكتب للأفق قصيدتي ربما الأخيرة
أيها الليل، أنت وحدك الباقي
أما نحن؟
فمجرد ظلال مكررة عابرة


إرسال تعليق

يرجى الالتزام بآداب النقاش واحترام آراء الآخرين. التعليقات المسيئة أو غير ذات الصلة لن يتم نشرها.

أحدث أقدم