عندما تلبس السماء عباءتها السوداء المرصعة بالنجوم، تتحول الأرض إلى لوحة ساحرة مرسومة بريشة الهدوء. يتنفس الليل بعمق، فيرسل نسائم باردة تحمل معها عبق الأحلام المنسية، وتهمس في آذان الحالمين بأغاني الكون الأبدية.
الليل هو ملاذ الأرواح الهائمة، ذلك الذي يحتضن القلوب المتعبة ويمنحها فرصة لتروي حكاياتها بعيدًا عن صخب النهار. تحت ضوء القمر الخافت، تصبح المشاعر أكثر شفافية، كأنما يُذيب الظلام كل الأقنعة.
في تلك اللحظات، تتساقط الكلمات كأوراق شجر الخريف على صفحة بيضاء. نكتب عن الحنين الذي يرافقنا، عن الأحلام التي تأبى أن تموت، وعن الطرق التي سلكناها بحثًا عن أنفسنا.
كم يشبه الليل حياة الإنسان! بدايته غامضة، منتصفه مزدحم بالأفكار، ونهايته تُعلن فجرًا جديدًا. وما أجمل ذلك الفجر الذي يأتي بعد رحلة طويلة من التأمل والبوح!
فالليل ليس مجرد غياب الشمس، بل هو حضور الأمل في انتظار بداية جديدة، وفرصة للتصالح مع الذات ومع الكون من حولنا.
نشر في قسم:
دردشة ليلية